الجِمَال في الرُّسوم الصَّخرية في جنوب شبه الجزيرة العربية (اليمن القديم)

الملخص

تناقش هذه الدراسة موضوع رسوم الجِمَال على الصخور في جنوب شبه الجزيرة العربية (اليمن القديم)، جزءًا من مجموعة كبيرة من الحيوانات التي ظهرت رسومها على الصخور، إلا أن الجَمَل امتاز بعلاقته المتينة بالإنسان الذي استعان به وسيلةً نقل أساسية منذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد تقريبا، لذلك ارتبط وجودها بالجانب النفعي، لما تقدمه من إسهامات في جانب النقل الذي انعكس على ازدهار التجارة في اليمن القديم، بينما كانت رسوم الحيوانات الأخرى ترتبط بالمعتقدات بالدرجة الرئيسة وخصوصاً الأبقار والوعول بالإضافة إلى بعض الطيور مثل النسر وبعض الزواحف مثل الثعابين وغيرها. ورغم أن تلك الرسوم لم تقتصر على منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية فحسب؛ فقد كانت مواقع وسط الجزيرة وشمالها تعج بالكثير منها. وخلال هذه الدراسة ذكرنا عدداً من المواقع المنتشرة في مناطق مختلفة من اليمن نماذج متفاوتة تبين الأنماط والأشكال المختلفة وطرق ووسائل تنفيذ تلك الرسوم التي تكاد لا تختلف في كل مرحلة من المراحل، وتبين تقنيات وأساليب فنية تعكس ثقافة المناطق التي وجدت فيها وتبين مدى انتشارها، وبالتالي توضح الصلات والعلاقات واتساع رقعتها، كما اتضح من خلال الدراسات وأعمال المسح الميدانية ضعف الرسوم في آخر مراحلها، أي في (مرحلة الكتابة) مع ظهور النصوص المكتوبة برفقتها، في إشارة إلى أنها لغة تعبير قبل أن تكون فناً جمالياً. كما ارتبطت معظم مواقع الرسوم بطرق التجارة ومسالكها القديمة منذ عصور ما قبل التاريخ أكثر من أي شيء آخر. وبذلك يمكن التعرف من خلالها على الدروب القديمة وتشعباتها في الجزيرة العربية بشكل عام التي ارتبطت فيما بعد بالتجارة مصدرًا مهماً لنمو وازدهار ممالك اليمن القديم.